تمسك الرئيس محمد حسني مبارك بمنصبه رئيسا لجمهورية مصر العربية في خطابه مساء الخميس معلنا تفويض صلاحياته لنائبه عمر سليمان.
وأعلن مبارك في خطابه الذي قال التليفزيون المصري إنه بثه من قصر الرئاسة بالقاهرة تعديل ست مواد بالدستور المصري والاتجاه لإلغاء قانون الطوارئ.
وأكد مبارك ثقته في صدق نوايا شباب الثورة الذين قال إنهم رمزا لجيل جديد، وقال لهم "دماء شهداء وجرحاكم لن تضيع هدرا، وأؤكد أنني لن أتهاون في معاقبة المتسببين عنها بكل الشدة والحسم، وسأحاسب الذين أجرموا في حق شبابنا بأقصى ما تقرره أحكام القانون من عقوبات رادعة".
وأعلن مبارك في خطابه مواد الدستور التي سيتم تعديلها قائلا "بمقتضى الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية وفقا للمادة 189 من الدستور, فقد تقدمت اليوم بطلب تعديل 6 مواد دستورية هي المواد 76, 77, 88, 93, 189 فضلا عن إلغاء المادة 179 من الدستور مع تأكيد الاستعداد للتقدم في وقت لاحق بطلب تعديل المواد التي تنتهي هذه اللجنة الدستورية وفق ما تراه من الدواعي والمبررات" مشيرا إلى العمل على رفع قانون الطوارئ حسبما تسمح الظروف.
ولم يقدم مبارك اعتذارا لعائلات ضحايا الذين قدرتهم جهات غير حكومية بنحو 300 قتيل واكتفى بالقول "أقول لعائلات هؤلاء الضحايا الأبرياء إنني تألمت كل الألم من أجلهم مثلما تألمتم وأوجع قلبي كما أوجع قلوبكم".
وأضاف مبارك "وأقول لكم إنني كرئيس للجمهورية لا أجد حرجا أو غضاضة أبدا في الاستماع لشباب بلادي والتجاوب معه لكن الحرج كل الحرج والعيب كل العيب وما لم ولن أقبله أبدا أن استمع لإملاءات أجنبية تأتي من الخارج أيا كانت مصدرها وايا كانت ذرائعها أو مبرراتها".
وظهرت لمحة عاطفية في خطاب مبارك عند قوله "أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل أو التأويل عدم ترشيحي للانتخابات الرئاسية المقبلة مكتفيا بما قدمته من عطاء للوطن لأكثر من 60 عاما في سنوات الحرب والسلام".
وكان خطاب سابق لمبارك تحدث فيه عن عدم ترشحه لفترة رئاسية أعاد له بعض الشعبية بعد تضمين خطابه إشارات عاطفية لها مكانتها عند المصريين مثل كلمات "الأب" و"الموت في أرض الوطن".
وأشار مبارك إلى حوار وطني يجريه نائبه عمر سليمان مع قوى المعارضة بشأن الوصول لحل وسط للأزمة قائلا ""لقد بدأنا بالفعل حوارا وطنيا بناء... ولقد أسفر هذا الحوار عن توافق مبدئي في الآراء والمواقف يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة".
وجاء خطاب مبارك بعد أنباء عن تنحيه الليلة من منصبه خاصة بعد انعقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية برئاسة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي وغياب مبارك القائد الأعلى للقوات المسلحة واللواء عمر سليمان نائب الرئيس.
وتشهد معظم محافظات مصر وميادينها الرئيسية يتصدرها التحرير في القاهرة مظاهرات عرفت بثورة 25 يناير تطالب بإسقاط النظام الذي يترأسه مبارك ويكون الحزب الوطني الديمقراطي قوامه الأكبر.
وقال التلفزيون الرسمي إن مبارك سيتحدث إلى الشعب من قصره في القاهرة مساء اليوم الخميس، عقب ساعات من نفي وزير الإعلام أنس الفقي تنحي الرئيس قائلا "الرئيس لا يزال في السلطة ولن يتنحى. الرئيس لن يتنحى وكل شيء سمعتموه في وسائل الاعلام مجرد شائعات".
وعرض التلفزيون المصري لقطات مساء الخميس ظهر فيها مبارك مجتمعا مع نائبه عمر سليمان، وظهر الرئيس جالسا إلى مكتبه صامتا بينما كان سليمان يتحدث.
وصدق الفقي في مواجهة حسام بدراوي الأمين العام الجديد للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يرأسه مبارك، وقال بدراوي في مقابلة مع تليفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عصر الخميس "إن الخطوة الصحيحة التي يتعين على الرئيس القيام بها هي التنحي"، وأضاف قبل الإعلان عن خطاب مبارك إنه يتوقع أن يلقي مبارك كلمة إلى الأمة في وقت لاحق وأنه يأمل في أن "يعلن الرئيس نقل السلطة إلى نائبة وتمهيد الطريق لإجراء تعديلات دستورية".
ولم تختلف كلمات أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري عن بدراوي إلا أنه التزم منطقة وسط، قائلا في مقابلة مع (بي.بي.سي) إن مبارك قد يتنحى وأن الموقف في البلاد سيتضح قريبا.
وكتبت (بي.بي.سي) على موقعها على الإنترنت "في مقابلة مع بي.بي.سي. العربية أكد شفيق أنه يجري مناقشة سيناريو لتنحي مبارك. وقال إن الموقف سلبا أو إيجابا سيتضح قريبا"، لكن شفيق عاد ليقول في تصريح للتلفزيون المصري عقب بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة "إن كل شيء لا يزال في يد الرئيس حسني مبارك".